الأحد، 1 نوفمبر 2009

الي رحمة الله



توفى العالم المصرى مصطفى محمود امس السبت الموافق 31/10/2009

شيعت ظهر امس السبت جنازة العالم الكبير الدكتور مصطفى محمود من أمام مسجد محمود بالمهندسين عن عمر يناهز 88 عاما بعد رحلة علاج استمرت لعدة شهور فى مستشفى محمود بميدان لبنان، وذلك فى حضور كثيف من رجال الشرطة ووسائل الإعلام وأساتذة الطب، بالإضافة إلى الكثير من محبيه من الفقراء الذين جاءوا إلى المسجد لوداع جثمان العالم الجليل الذى قضى طيلة حياته لخدمة الفقراء وعلاج المرضى، بينما تغيب عن تشييع الجنازة كبار رجال الدولة وعلى رأسهم محافظا الجيزة والقاهرة وهو ما أثار استياء مشيعيه.



نبذه عن مشواره كما كتبها بنفسه
* النشأة:

مصطفى كمال محمود حسينالمولد فى شبين الكوم منوفية فى 25/12/1921الأسرة متوسطة و الأب موظف (سكرتير فى مديرية الغربية) متدين و قدوة فى كمالاته الأخلاقية و صبره و إحتماله ومثابرته و حبه للعمل و مواظبته عل الصلاة فى أوقاتها لم تفته صلاة الفجر فى وقتها بالمسجد .. محب لأولاده فدائى فى خدمتهم (و كذلك الأم) .* المناخ التربوىرسبت ثلاث سنوات فى السنة الأولى الإبتدائية فتركنى الأهل على حالى دون تغليظ أو تعنيف . كنت كثيراً ما أرقد مريضاً و أنا طفل .. و لذلك حرمت من اللعب العنيف و الإنطلاق الذى يتمتع به الأطفال .. و كانت طفولتى كلها أحلام و خيال و إنطواء . و كنت دائماً أحلم و أنا طفل بأن أكون مخترعاً عظيماً أو مكتشفاً أو رحالاً أو عالماً مشهوراً .. و كانت النماذج التى أحلم بها هى كريستوفر كولمبس و أديسون و ماركونى و باستير . الحياة فى طنطا فى جوار السيد البدوى و حضور حلقات الذكر و المولد و الناى و مذاق القراقيش و إبتهالات المتصوفة والدراويش .. كان لها أثر فى تكوينى الفنى و النفسى .

* الأحداث الجوهرية

كان مرض الوالد بالشلل لمدة سبع سنوات ووفاته سنة 1939و كان ذلك حينما أكملت دراستى الثانوية و قررت دخول كلية الطب . و إنتقلنا بعد ذلك من طنطا الى القاهرة مع الوالدة .* سنوات المراهقةكانت اشبه بمغالبة حصان جامح .. يفلت لجامه مرة و أكبح جماحه و أحكمه مرات .. و لم يكن الصراع سهلا بل كان شاقا و طويلا وخلف وراه جسما مغطى بالكدمات و الجراح .

* الدراسة:

اخترت دراسة الطب و شعرت ساعتها أنها ترضى فضولى و تطلعى الى العلم و معرفة الأسرار ـ و كانت الدراسة صعبة وتحتاج الى ارادة و تركيز و نوع من الإنقطاع و الرهبانية .. واحتاج الأمر منى الى عزم و ترويض ومعاناة .. و كان حبى للعلم و طموحى يساعدنى ، و كانت صحتى الضعيفة تخذلنى .. و بدنى المعتل يضطرنى الى الإعتكاف من وقت لآخر فى الفراش .و فى السنة الثالثة طب إحتاج الأمر الى علاج بالمستشفى سنتين و أدى هذا الإنقطاع الطويل الى تطور إيجابى فى شخصيتى .. إذ عكفت طول هذه المدة على القراءة و التفكير فى موضوعات أدبية. و فى هاتين السنتين تكونت فى داخلى شخصية المفكر المتأمل و ولد الكاتب الأديب .
* و حينما عدت الى دراسة الطب بعد شفائى كنت قد أصبحت شخصاً آخر . أصبحت الفنان الذى يفكر و يحلم و يقرأ و يطالع بإنتظام أمهات كتب الأدب و المسرح و الرواية . و بسبب هذه الهواية الجديدة التى ما لبثت أن تحولت الى إحتراف و كتابة منتظمة فى الصحف فى السنوات النهائية بكلية الطب .. إحتاج الأمر وقت مضاعف لكى أنجح و أتخرج (بدأت أكتب فى مجلتي التحرير و روز اليوسف) . و حينما تخرجت فى سنة 1953 كان زملائى قد سبقونى فى التخرج بسنتين و ثلاثة . و أستطيع أن أقول أن المرض و المعاناة و العزلة الطويلة فى غرف المستشفيات قد فجرت مواهبى . و الألم كان الأب الحقيقى والباعث لكل هذه الإيجابيات و المكاسب التى كسبتها كإنسان و فنان وأديب و مفكر . و الألم أيضاً هو الذى صقل أخلاقى و جلا معدن نفسى و فجر الحس الدينى فى داخلى و كان أداة التنوير و الصحوة و التذكير بالله .
وهذا الفيديو كان بمثابة وصيه له قد تركها لشبابنا عسي ان يأخذوا بها .


وفي النهايه نسألكم الدعاء له وان يلهم اهله الصبر والسلوان